
؛
الفرقُ ما بينَ قِراءة الأدب العربيّ – وليسَ أي أدب – عن الأدب المترجم ، أنّك في كل مرّة سيبهرك أصيلُ الكلام ؛ فما بالك بقراءة عميد الأدب العربي – الدكتور طه حسين .
كنتُ أجد في أسفل الصفحات شروح لبعض الألفاظ ، وكانتِ الألفاظُ جديدةً على إدراكي فعلًا! ، فأنتَ الآن كقارئ للرواية مابينَ مستمتعٍ بالأحداثِ وصياغتها ومتعلّم لمفرداتٍ جديدة تُعينكَ في وصفِ الحياة بلفظٍ جديد.
حسنًا، عمر الرواية هو ٩٠ عامًا، فتخيّل انتقالك عبر الروايةِ إلى عام ١٩٣٤ م ، سأقولُ أنّي سافرتُ زمنيًا ومكانيًا أيضًا إلى أرياف (بني وركان) والقرى حولها آنذاك ، بل واندمجت أشدّ الاندماج في مجريات ما حدث.
الرواية تدور حول أختينِ ووالدتهما، اضطرتهما الحياة للخروج من دارهم والخدمة في منازل الأثرياء، تدهشهما التفاصيل الجديدة في عالم الثراء بعيدًا عن شَظَف* العَيش (أي شدّة الضيق – وهي كلمة جديدة تعلّمتها من الرواية بسرور) حيث يقول الكاتب بلسان حال البطلة : ”وأيّ حياة تُهَيَّأ لي فيها! كلها شظف وخشونة، وكلها جهل وغفلة!“ فيحلّ شيطان الإغراء على (هنادي) الأخت الكبرى، ومن هنا تبدأ القصة….
سوفَ تصل عزيزي القارئ إلى منتصف الرواية والأحداث بطيئة بعض الشيء وسياقها غامض، ستكون في بادئ الأمر لا تفهم شيئا عدى بؤس هاتين الفتاتين ، ثمّ تتكشف المشكلات شيئًا فشيئًا وتتضح المأساة بشكل مؤلم ، حينها فقط ستُريد أن تصل إلى النهاية بأي شكل… فالأحداث تصبح في أوجها، وكانت النهاية مفتوحة .. للأسف، مما جعلني أبحثُ عن تفسيرها في (جوجل) فـ المفاجأة كانت بأنه تم إنتاج فيلم مبني على الرواية في عام ١٩٥٩ م ، و بحثتُ عنه ولحسن الحظ وجدته في منصة (اليوتيوب) ، وكانت المرة الأولى التي أشاهد فيها فيلمًا قديمًا جدًا! بطولة (فاتن حمامة) ، كان الفيلم جزءًا من تجربة الانتقال الزمني عبر الفن.. لكنّي فضّلتُ الرواية على الفيلم بلا شك.
أظن قراءتي هذه تكفي ، حتّى إن قررتم اقتناء الرواية تحلّ الدهشة كما يجب على أذهانكم .
” أنا أكذُب على أختي فأُزيِّن لها ما أكره، وهي لا تَكْذب على أحد، ولا تحفل بما تسمع، ولا تكذب على نفسها ، وإنّما أسلمتْ نفسها للقضاء، و استيقنَتْ أن خيرَ ما في حياتها قد انقضى منذ أمَرَتْ أمّنا بترك المَدينة، فلم نُخالف من أمرها وإنما استجَبنا طائعتين. ولكن مما تخاف؟ وما هذا الرَّوع الذي كانت آياته تبدو على وجهها بين حين وحين ، والذي كان يبعث في جسمها من وقتٍ إلى وقت رِعدة قوية توشِك أن تدفعها إلى الوثوب؟ ـــ طه حسين “


